الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المصنفة **
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا. الحمد لله الذي نزل أحسن الحديث كتابًا، والصلاة والسلام على من جاء ببيان ما نزل إليه سكوتا وفعلا وخطابا، وعلى آله ناقلي أخباره، ومدوني أحاديثه وآثاره. أما بعد: فإن العلم الذي لا بد منه لكل قاصد، ولا يستغني عن طلبه عالم ولا عابد، علم الحديث والسنة، وما شرعه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمته وسنة: دين النبي وشرعة أخــباره *** وأجـل علم يقتفي آثاره من كان مشتغلا بها وبنشرها *** بين البرية لا عفت آثاره وهو من العلوم الأخروية، والنجاة لمن تمسك به من كل بلية، والعصمة لمن التجأ إليه، والهدى لمن استهدى به وعول عليه، وأهله حفاظ الشريعة من الأعداء؛ وحراسها ممن يريد التمرد والشقاء، ولولاهم لاضمحل الدين، وكان عرضة لتلاعب المتمردين وهم عدول هذه الأمة، والكاشفون عنها كل غمة، وخلفاء النبي عليه السلام وأهله الخاصون به من الأنام، وكفاهم شرفا، أنهم أكثر الناس صلاة على حبيبه المصطفى، ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وقد اشتهروا بطول الأعمار، والتجربة مصدقة لذلك في سائر الإعصار، ودعا لهم النبي بالرحمة والنضارة، وبشرهم بالجنة التي هي أجل بشارة، وقيل فيهم: أنهم من أكثر الناس خيرا ومالا، وأوفرهم رزقا حلالا. وقد قيل: وهو (لأبي إسحاق إبراهيم بن عبد القادر الرياحي التونسي): أهل الحديث طويلة أعمـــارهم *** ووجوههم بدعا النبي منضرة وسمعت من بعض المشايخ أنـهم *** أرزاقهم أيـــضًا به متكثره وأنهم ممن يستدفع بهم البلاء، وأقرب الناس منزلة يوم القيامة من خير الأنبياء وسيد الشفعاء، وأنهم هم العلماء على الحقيقة والتمام، ولا يدعى باسم العالم غيرهم يوم القيام. وقيل: من علامات محبته عليه السلام، العكوف على ذكره وسماع حديثه في الارتحال والمقام، ومما أنشده بعضهم: لم أسم في طلب الحديث لسمعة *** أو لاجتماع قديمة وحديثه لكن إذا فات المحب لقاء من *** يهوى تعلل باستماع حديثـه وقد وضعت فيه وفيما يتعلق به الدواوين الكثيرة، والمؤلفات الصغيرة والكبيرة، وهي من كثرتها لا تعد ولا تحصر، ولا يمكن أن يحصيها محص ولو أكثر. والمقصود في هذه (الرسالة المستطرفة): بيان المشهور وما تشتد إليه الحاجة منها، ليكون الطالب منه على كمال البصيرة والمعرفة، وتتميم الفائدة بنسبة كل كتاب لمؤلفه، وذكر وفاة جامعه ومصنفه، والله أسأل العون والقبول، ونيل المنى والوطر والسول، بمنه آمين. (ص 3) واعلم أن علم الحديث لدى من يقول: إنه أعم من السنة، هو: العلم المشتمل على نقل ما أضيف إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو إلى صحابي أو إلى من دونه من الأقوال والأفعال، والتقارير والأحوال، والسير والأيام، حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام، وأسانيد ذلك وروايته وضبطه وتحرير ألفاظه وشرح معانيه. وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين لا يكتبون الحديث، ولكنهم يؤدونه لفظا ويأخذونه حفظا إلا كتاب الصدقة، وشيئا يسيرا يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء، حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت. فكتب (عمر بن عبد العزيز) إلى عامله على المدينة (أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري) التابعي: انظر ما كان عندك، أي: في بلدك من سنة أو حديث فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليفشوا العلم وليجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا. فتوفي (عمر بن عبد العزيز) قبل أن يبعث إليه (أبو بكر) بما كتبه، وكان (عمر) قد كتب بمثل ذلك أيضًا إلى أهل الآفاق، وأمرهم بالنظر في حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجمعه. وأول من دونه بأمره، وذلك على رأس المائة الأولى: (أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني)، ففي (الحلية) عن (سليمان بن داود) قال: أول من دون العلم (ابن شهاب). وعن (ابن شهاب) قال: لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني، ثم كثر بعد ذلك التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد. (ص 4) وأول من صنف في الصحيح المجرد على ما قاله غير واحد: الإمام (أبو عبد الله البخاري)، وكانت الكتب قبله مجموعة ممزوجا فيها الصحيح وغيره، ولا يرد على هذا (موطأ مالك)، فإنها قبل (البخاري)، وهي مخصوصة بالصحيح أيضًا، لأن (مالكا) أدخل فيها المرسل، والمنقطع، والبلاغات. وليست من الصحيح على رأي جماعة، خصوصا المتأخرين. ولا يقال أن (صحيح الإمام البخاري) كذلك أيضًا، لأنا نقول ما في (الموطأ) هو كذلك مسموع (لمالك) غالبا، وهو حجة عنده، وعند من يقلده، وما في (البخاري) حَذف إسناده عمدا. إما لقصد التخفيف: إن كان ذكره في موضع آخر، وإما لقصد التنويع: إن كان على غير شرطه، ليخرجه عن موضوع كتابه. وإنما يذكر ما يذكر من ذلك تنبيها، واستشهادا، واستئناسا، وتفسيرا لبعض آيات، وغير ذلك فما فيه لا يخرجه عن كونه جرد فيه الصحيح، بخلاف (الموطأ) كذا ذكر (الحافظ) ومن تبعه. وقال (السيوطي): ما في كتاب (مالك) من المراسيل فإنها مع كونها حجة عنده، وعند من وافقه من الأئمة من الاحتجاج بالمرسل، هي أيضًا حجة عندنا، لأن المرسل عندنا حجة إذا اعتضد، وما من مرسل في (الموطأ) إلا وله عاضد، أو عواضد، فالصحيح إطلاق أن (الموطأ) صحيح لا يستثنى منه شيء. انظر حاشيته على (الموطأ). وقال الشيخ (صالح الفلاني) في بعض طرره على (ألفيه السيوطي) في المصطلح بعد نقله لكلام (ابن حجر) الذي تقدم بعضه ملخصا ما نصه: قلت: وفيما قاله (الحافظ) من الفرق بين بلاغات (الموطأ) (ومعلقات البخاري) نظر، فلو أمعن النظر في (الموطأ) كما أمعن النظر في (البخاري) لعلم أنه لا فرق بينهما، وما ذكره من أن (مالكًا) سمعها كذلك غير مُسَلَّم، لأنه يذكر بلاغا في رواية يحيى مثلا، أو مرسلا، فيرويه (ص 5) غيره عن (مالك) موصولا مسندا. وما ذكر من كون مراسيل (الموطأ) حجة عند (مالك) ومن تبعه، دون غيرهم، مردود بأنها حجة عند (الشافعي) وأهل الحديث، لاعتضادها كلها بمسند كما ذكره (ابن عبد البر) (والسيوطي) وغيرهما. وما ذكره (العراقي): أن من بلاغاته ما لا يعرف مردود، بأن (ابن عبد البر) ذكر: أن جميع بلاغاته ومراسيله ومنقطعاته كلها موصولة بطرق صحاح، إلا أربعة، وقد وصل (ابن الصلاح) الأربعة بتأليف مستقل، وهو عندي وعليه خطه. فظهر بهذا أنه لا فرق بين (الموطأ) (والبخاري). صح أن مالكًا أول من صنف في الحديث وصح أن (مالكا) أول من صنف في الصحيح، كما ذكره (ابن العربي) وغيره، فافهم اهـ. من خطه بواسطة بعض العلماء. وقد قال (ابن حجر) في أول (مقدمة فتح الباري) ما نصه: اعلم أن آثار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تكن في عصر الصحابة وكبار التابعين مدونة في الجوامع، ولا مرتبه، لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك، كما ثبت في (صحيح مسلم)، خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. وثانيهما: لسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة. ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار، لمّا انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار، واتسع الخرق على الراقع، وكاد أن يلتبس الباطل بالحق. فأول من جمع في ذلك (الربيع بن صبيح) (وسعيد ابن أبي عروبة) وغيرهما. دونت أحكام الحديث في منتصف القرن الثاني وكانوا يصنفون كل باب على حده، إلى أن قام كبار أهل الطبقة الثانية في منتصف القرن (ص 6) الثاني، فدونوا الأحكام. فصنف (الإمام مالك) (الموطأ) بالمدينة، وتوخى فيه القوي من حديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين، ومن بعدهم. أول من صنف الحديث بمكة ابن جريج وصنف (أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج) بمكة، (وأبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي) بالشام، (وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري) بالكوفة، (وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار) بالبصرة. ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى بعض الأئمة منهم، أن يفرد حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاصة، وذلك على رأس المائتين. فصنف (عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي) مسندا، وصنف (مسدد بن مسرهد البصري) مسندا، وصنف (أسد بن موسى الأموي) مسندا، وصنف (نُعيم بن حماد الخزاعي) نزيل مصر مسندا، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد، (كالإمام أحمد بن حنبل) (و إسحاق بن راهويه) (وعثمان بن أبي شيبة) وغيرهم من النبلاء. ومنهم من صنف على الأبواب والمسانيد معا (كأبي بكر بن أبي شيبة) اهـ. وعبارته في (إرشاد الساري) قال: منهم من رتب على المسانيد (كالإمام أحمد بن حنبل) (و إسحاق بن راهويه) (وأبي بكر ابن أبي شيبة) (وأحمد بن منيع) (وأبي خيثمة) (والحسن بن سفيان) (وأبي بكر البزار) وغيرهم. ومنهم من رتب على العلل: بأن يجمع في كل متن طرقه، واختلاف الرواة فيه، بحيث يتضح إرسال ما يكون متصلا، أو وقف ما يكون مرفوعا، أو غير ذلك. ومنهم من رتب على الأبواب الفقهية، وغيرها، ونوّعه أنواعا، وجمع ما ورد في كل نوع، وفي كل حكم إثباتا ونفيا، في باب فباب، بحيث يتميز ما يدخل في الصوم مثلا عما يتعلق بالصلاة. وأهل هذه الطريقة منهم من تقيد بالصحيح (كالشيخين) وغيرهما، ومنهم من لم يتقيد بذلك كباقي الكتب الستة، وكان أول من صنف في الصحيح (محمد بن إسماعيل البخاري). ومنهم المقتصر على (ص 7) الأحاديث المتضمنة للترغيب والترهيب، ومنهم من حذف الإسناد واقتصر على المتن فقط، (كالبغوي) في (مصابيحه) (واللؤلؤي) في (مشكاته) اهـ. وقال (شيخ الإسلام زكريا الأنصاري) في شرحه (لألفية المصطلح) (للعراقي): أول من صنف مطلقا (ابن جريج) بمكة، (ومالك) (وابن أبي ذئب) بالمدينة. (والأوزاعي) بالشام، (والثوري) بالكوفة، (وسعيد ابن أبي عروبة) (والربيع بن صبيح) (وحماد بن سلمة) بالبصرة. (ومعمر بن راشد) (وخالد بن جميل) باليمن، (وجرير بن عبد الحميد) بالرِّي، (وابن المبارك) بخراسان، وهؤلاء في عصر واحد، فلا يُدرى أيهم سبق، ذكره شيخنا يعني (ابن حجر) كالناظم يعني (العراقي) اهـ. وذكر غيره من جملة هؤلاء أيضًا، (هشيم بن بشير الواسطي) بواسط. الاستغناء بحفظ الحديث عن كتابته في الطبقة الأولى من التابعين وقال (الأبي) في (شرح مسلم): قال (مكي) في (القوت) كره كَتْبَه يعني الحديث الطبقةُ الأولى من التابعين، خوف أن يشتغل به عن القرآن، فكانوا يقولون: احفظوا كما كنا نحفظ. وأجاز ذلك من بعدهم. وما حدث التصنيف إلا بعد موت (الحسن) (وابن المسيَّب) وغيرهما من كبار التابعين، فأول تأليف وضع كتاب (ابن جريج) وضعه بمكة في (الآثار) وشيء من التفسير، عن (عطاء) (ومجاهد) وغيرهما، من أصحاب (ابن عباس). ثم كتاب (معمر بن راشد اليماني) باليمن، فيه سنن. ثم (الموطأ). ثم (جامع سفيان الثوري) (وجامع سفيان بن عيينة) في السنن والآثار وشيء من التفسير. فهذه الخمسة أول شيء وضع في الإسلام. اهـ. وقال في (تبييض الصحيفة): قال بعض من جمع (مسند أبي حنيفة) من مناقب (أبي حنيفة) التي انفرد بها أنه أول من دون (ص 9) علم الشريعة، ورتبه أبوابا ثم تابعه (مالك بن أنس) في ترتيب (الموطأ)، ولم يسبق (أبا حنيفة) أحد. اهـ. وقال في (تدريب الراوي): أول من جمع ذلك يعني الآثار (ابن جريج) بمكة، (وابن إسحاق) أو (مالك) بالمدينة. (والربيع بن صبيح) أو (سعيد ابن أبي عروبة) أو (حماد بن سلمة) بالبصرة، (وسفيان الثوري) بالكوفة، (والأوزاعي) بالشام، (وهُشيم) بواسط، (ومعمر) باليمن، (وجرير بن عبد الحميد) بالري، (وابن المبارك) بخراسان. قال (العراقي) (وابن حجر): وكان هؤلاء في عصر واحد، فلا ندري أيهم سبق، وقد صنف (ابن أبي ذئب) بالمدينة (موطأ) أكبر من (موطأ مالك) حتى قيل (لمالك): ما الفائدة في تصنيفك؟ فقال: ما كان لله بقي. قال شيخ الإسلام يعني (ابن حجر): وهذا بالنسبة إلى الجمع بالأبواب، أما جمع حديث إلى مثله في باب واحد فقد سبق إليه (الشعبي)، فإنه روي عنه أنه قال: هذا باب من الطلاق جسيم، وساق فيه أحاديث، ثم تلا المذكورين، كثير من أهل عصرهم، إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاصة، وذلك على رأس المائتين، ثم ذكر بقية كلام شيخ الإسلام الذي تقدم لنا عنه. ثم قال: قلت، وهؤلاء المذكورون في أول من جمع كلهم في أثناء المائة الثانية.
وأما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة (عمر بن عبد العزيز) بأمره، اه المراد منه، وبالجملة فتدوين الحديث والعلوم النافعة لديه. إنما حدث بعد الصدر الأول المرجوع إليه، ثم كثرت بعد ذلك فيه التصانيف، وانتشرت في أنواعه وفنونه التآليف، حتى أربت على العد، وارتقت من كثرتها عن التفصيل والحد، وهي مراتب متفاوتة وأنواع مختلفة. ما ينبغي لطالب الحديث البداية به فمنها(ص 11) ما ينبغي لطالب الحديث البدءاة به: وهو أمهات الكتب الحديثية وأصولها، وأشهرها وهي ستة. صحيح الإمام (أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بن بَرْدِزبه البخاري) بلدًا، نسبة إلى بخارى بالقصر، أعظم مدينة وراء النهر، بينها وبين سمرقند مسافة ثمانية أيام، (الجعفي ولاء) لأن جده (المغيرة) أسلم على يد (اليمان بن أخنس الجعفي) والي بخارى، الفارسي نسبا من أبناء فارس، المتوفى بخرتنك، قرية بظاهر سمرقند، على ثلاث فراسخ منها، وقيل: على فرسخين، سنة ست وخمسين ومائتين، وهو أصح كتاب بين أظهرنا بعد كتاب الله. و(صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري) نسبة إلى بني قشير قبيلة معروفة من قبائل العرب، (النيسابوري) نسبة إلى نيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها وأجمعها للعلم والخير، المتوفى بها سنة إحدى وستين ومائتين. وسنن (أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي)، نسبة إلى الأزد، أبي قبيلة باليمن، (السجستاني)، نسبة إلى سجستان، وينسب إليها سجزي أيضًا على غير قياس، مدينة بخراسان، المتوفى بالبصرة سنة خمس وسبعين ومائتين، قيل: وهو أول من صنف في السنن، وفيه نظر يتبين مما يأتي. وجامع (أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي)، بضم السين خلافا لمن قال بفتحها، نسبة إلى بني سليم قبيلة معروفة، (الترمذي) نسبة إلى ترمذ، مدينة قديمة على طرف نهر بلخ المسمى بجيحون، الضرير المتوفى بترمذ أو ببوغ، وهي قرية من قرى ترمذ على ستة فراسخ منها، سنة تسع، وقيل: سنة خمس وسبعين ومائتين، ويسمى: (بالسنن) أيضًا، خلافا لمن ظن أنهما كتابان، و(بالجامع الكبير). وسنن (أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي) نسبة إلى نسا، مدينة بخراسان، وقيل: كورة من كور نيسابور، والقياس نسوي، المتوفى بالرملة بمدينة فلسطين من أرض الشام ودفن بها، وقيل: حمل إلى مكة فدفن فيها بين الصفا والمروة، وقيل: إنه توفي بمكة، ودفن بها سنة ثلاث وثلاثمائة. وهو آخر الخمسة المذكورين وفاة، وأطولهم سنا، والمراد بها (الصغرى)، فهي المعدودة من الأمهات، وهي التي خرَّج الناس عليها الأطراف والرجال، دوَّن (الكبرى)، خلافا لمن قال أنها المرادة. وسنن (أبي عبد الله محمد بن يزيد) المعروف (بابن ماجة)، وهو لقب أبيه لا جده، ولا أنه اسم أمه، خلافا لمن زعم ذلك، وهاؤه ساكنة وصلا ووقفا لأنه اسم أعجمي، (الربعي)، (ص 13) نسبة إلى (ربيعة) مولاهم، (القزويني)، نسبة إلى قزوين، مدينة مشهورة بعراق العجم، المتوفى بقزوين سنة ثلاث أو خمس وسبعين ومائتين. وهي التي كملت بها الكتب الستة، والسنن الأربعة، بعد الصحيحين، واعتنى بأطرافها الحافظ (ابن عساكر) ثم (المزي) مع رجالها، ولم يذكر (ابن الصلاح) (والنووي) وفاته، كما لم يذكرا كتابه في الأصول. بل جعلاها خمسة فقط تبعا لمتقدمي أهل الأثر، وكثير من محققي متأخريهم، ولما رأى بعضهم كتابه كتابا مفيدا قوي النفع في الفقه، ورأى من كثرة زوائده على (الموطأ)، أدرجه على ما فيه في الأصول، وجعلها ستة. وأول من أضافه إلى الخمسة مكملا به الستة (أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي) في أطراف الكتب الستة له، وكذا في شروط الأئمة الستة له، ثم (الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي) في (الكمال في أسماء الرجال)، أي: رجال الكتب الستة الذي هذبه (الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي)، بكسر الميم وتشديد الزاي المكسورة، نسبة إلى المزَّة، قرية بدمشق، فتبعهما على ذلك أصحاب الأطراف والرجال والناس، ومنهم من جعل السادس (الموطأ) (كرزين بن معاوية العبدري) في (التجريد)، و(أثير الدين أبي السعادات المبارك بن محمد)، المعروف (بابن الأثير الجزري الشافعي) في (جامع الأصول). وقال قوم من الحفاظ منهم (ابن الصلاح) و(النووي) و(صلاح الدين العلائي) و(الحافظ ابن حجر): لو جعل (مسند الدارمي) سادسا كان أولى. ومنهم من جعل الأصول سبعة، فعد منها زيادة على الخمسة كلًا من (الموطأ) و(ابن ماجة)، ومنهم من أسقط (الموطأ)، وجعل بدله (سنن الدارمي)، والله أعلم. ومنها كتب الأئمة الأربعة أرباب المذاهب المتبوعة: وهي (موطأ نجم الهدى) إمام الأئمة، عالم المدينة (أبي عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي)، نسبة إلى (ذي أصبح) من ملوك اليمن، (المدني) المتوفى بها سنة تسع وسبعين ومائة، وهي في الرتبة بعد (مسلم) على ما هو الأصح، ويذكر أن جميع مسائلها ثلاثة آلاف مسألة، وأحاديثها سبعمائة حديث، وعن مؤلفها فيها روايات كثيرة، أشهرها وأحسنها: رواية (يحيى بن كثير الليثي الأندلسي)، وإذا أطلق في هذه الأعصار (موطأ مالك) فإنما ينصرف لها. وأكبرها رواية: (عبد الله بن مسلمة القعنبي)، ومن أكبرها وأكثرها: زيادات رواية (أبي مصعب أحمد بن أبي بكر القرشي الزهري)، قاضي المدينة، ومن جملتها رواية (محمد بن الحسن الشيباني)، صاحب (أبي حنيفة) وفي (موطئه) أحاديث يسيرة (ص 15) يرويها عن غير (مالك)، وأخرى زائدة على الروايات المشهورة، وهي أيضًا خالية عن عدة أحاديث ثابتة في سائر الروايات. (ولأبي الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القروي القابسي)، نسبة إلى قابس مدينة بإفريقية بالقرب من المهدية، (المالكي الضرير)، المتوفى بالقيروان، سنة ثلاث وأربعمائة، كتاب (الملخص) بكسر الخاء، كما ذكره صاحب (تثقيف اللسان)، وكذلك سماه صاحبه، وتجوز قرائته بفتحها، وبالوجهين، ذكره (عياض) في (فهرسته)، جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث (مالك) في (الموطأ)، رواية (عبد الرحمن بن القاسم المصري). قال (أبو عمرو الداني): وهو خمسمائة حديث وعشرون حديثا، وقال غيره: هو على صغر حجمه جيد فيه بابه. وشرع في شرحه (شهاب الدين القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى الخوَييّ)، نسبة إلى خُوَيّ، بلفظ التصغير لخوِّ، بلد مشهور من أعمال أذربيجان (الشافعي الدمشقي)، فشرح منه خمسة عشر حديثا في مجلد، واخترمته المنية، فمات سنة ثلاث وتسعين وستمائة. (ولأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي) حافظ المغرب بل والمشرق، الشهير، المتوفى: بشاطبة من بلاد الأندلس، سنة ثلاث وستين وأربعمائة، كتاب (التقصي) جمع فيه ما في (الموطأ) من الأحاديث المرفوعة، موصولة كانت أو منقطعة، مرتبة على شيوخ (مالك). وله أيضًا كتاب في وصل ما فيها من المرسل والمنقطع والمعضل، قال: وجميع مافيها من قوله بلغني، ومن قوله عن الثقة عنده مما لم يسنده أحد وستون حديثا، كلها مسندة من غير طريق (مالك) إلا أربعة لا تعرف، ثم ذكرها. قال الشيخ (صالح الفلاني): وقد رأيت (لابن الصلاح) تأليفا وصل هذه الأربعة فيه بأسانيده. (ولأبي محمد عبد الله بن محمد بن فرحون اليعمري) التونسي الأصل، المدني المولد والمنشأ، المالكي، المتوفى: سنة تسع وستين وسبعمائة، (الدر المخلص من التقصي والملخص)، جمع فيه أحاديث الكتابين المذكورين، وشرحه بشرح عظيم الفائدة في أربع مجلدات، سماه: (كشف الغطا في شرح (ص 17) مختصر الموطأ). (ولأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الغافقي الجوهري المصري المالكي)، المتوفى: سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، كتاب (مسند الموطأ)، وكتاب (مسند ما ليس بالموطأ)، ذكره في (الديباج). ومسند إمام الأئمة أيضًا، ركن الإسلام، (أبي حنيفة النعمان بن ثابت الفارسي الكوفي)، فقيه العراق، المتوفى: ببغداد، سنة خمسين، أو إحدى وخمسين ومائة، وله خمسة عشر مسندا، وأوصلها الإمام (أبو الصبر أيوب الخلوتي)، في ثبته إلى سبعة عشر مسندا، كلها تنسب إليه لكونها من حديثه، وإن لم تكن من تأليفه. وقد جمع بين خمسة عشر منها: (أبو المؤيد محمد بن محمود بن محمد بن الحسن الخطيب الخوارزمي) نسبة إلى خوارزم، بضم الخاء وكسر الراء، ناحية معلومة، المتوفى: سنه خمس وخمسين وستمائة، في كتاب سماه: (جامع المسانيد)، رتبه على ترتيب أبواب الفقه، بحذف المعاد، وترك تكرير الإسناد. واعتبر بعضهم منها: ما خرجه (أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن خليل الكلاباذي الحارثي السبذموني)، نسبة إلى سبذمون، قرية من قرى بخارى، على نصف فرسخ، المعروف: بعبد الله الأستاذ، المتوفى: سنة أربعين وثلاثمائة. والذي اعتبره الحافظ (ابن حجر) في كتابه (تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأربعة)، هو ما خرجه الإمام الزكي الحافظ (أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو)، بضم الخاء وسكون المهملة، البلخي، المتوفى: سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. ومسند عالم قريش، ومجدد الدين على رأس المائتين، أحد أقطاب الدنيا وأوتادها، (أبي عبد الله محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان بن شافع الشافعي القرشي المطلبي المكي)، نزيل مصر، المتوفى بها: سنة أربع ومائتين، وليس هو من تصنيفه أيضًا، وإنما هو عبارة عن الأحاديث التي أسندها مرفوعها موقوفها. ووقعت في مسموع (أبي العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأصم الأموي) مولاهم، (المعقلي النيسابوري)، عن (الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي) مولاهم، (المؤذن المصري) صاحب (الشافعي) وراوية كتبه من كتابي (الأم) و(المبسوط) (للشافعي)، إلا أربعة أحاديث رواها(ص 19) (الربيع) عن (البويطي) عن (الشافعي)، التقطها بعض النيسابوريين، وهو (أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المطري العدل النيسابوري الحافظ)، من شيوخ (الحاكم)، من الأبواب (لأبي العباس الأصم) المذكور لحصول الرواية له بها عن (الربيع)، وقيل: جمعها (الأصم) لنفسه فسمى ذلك (مسند الشافعي)، ولم يرتبه، فلذا وقع التكرار فيه في غير ما موضع، انظر (فهرست الأمير)، و(شرح الإحياء) في كتاب (آداب الأخوة والصحبة)، ووفاة (الربيع) هذا سنة سبعين ومائتين، (وأبي العباس الأصم) سنة ست وأربعين وثلاثمائة، (وأبي عمرو المطري) سنة ستين وثلاثمائة. ومسند الإمام الأوحد محي السنة (أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي)، ثم البغدادي، المتوفى: سنة إحدى وأربعين ومائتين، وكان يحفظ ألف ألف حديث، ومسنده هذا يشتمل على ثمانية عشر مسندا: أولها: مسند العشرة، وما معه، وفيه من زيادات ولده (عبد الله)، ويسير من زيادات (أبي بكر القطيعي) الراوي عن (عبد الله)، وقد اشتهر عند كثير من الناس أنه أربعون ألف حديث. قال (أبو موسى المديني): لم أزل أسمع ذلك من الناس حتى قرأته على (أبي منصور بن رزيق). اهـ. وكذا صرح بذلك الحافظ (شمس الدين محمد بن علي الحسيني) في (التذكرة)، فقال: عدة أحاديثه أربعون ألفا بالمكرر. وقال (ابن المنادي): أنه ثلاثون ألفا، والاعتماد على قوله دون غيره، وقد انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألف حديث، ولم يدخل فيه إلا ما يحتج به عنده؛ وتفضيل (ابن الصلاح) كتب السنن عليه منتقد، وبالغ بعضهم، فأطلق عليه اسم (الصحة)، والحق أن فيه أحاديث كثيرة ضعيفة، وبعضها أشد في الضعف من بعض، حتى أن (ابن الجوزي) أدخل كثيرًا منها في موضوعاته، ولكن تعقبه في بعضها الحافظ (أبو الفضل العراقي)، وفي سائرها الحافظ (ابن حجر) في (القول المسدد في الذب عن مسند أحمد)، و(السيوطي) في ذيله المسمى: (بالذيل الممهد على القول المسدد)، وحقق الأول منهما، نفي الوضع عن جميع أحاديثه، وأنه أحسن انتقاء وتحريرا من الكتب التي لم تلتزم الصحة في جمعها، قال: وليست الأحاديث الزائدة فيه على ما في الصحيحين بأكثر ضعفا من الأحاديث الزائدة في (سنن أبي داود) و(الترمذي) عليهما. وقال غيره: ما ضعف من (ص 21) أحاديثه أحسن حالا مما يصححه كثير من المتأخرين، وقد رتبه على الأبواب بعض الحفاظ الأصبهانيين، وكذا الحافظ (ناصر الدين ابن رزيق)، وكذا بعض من تأخر عنه، ورتبه على حروف المعجم في أسماء المقلين، الحافظ (أبو بكر بن المحب). ولولده (أبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل البغدادي)، الحافظ، المتوفى: سنة تسعين ومائتين، كتاب في زوائد مسنده هذا، وهو نحو من ربعه في الحجم، قيل: أنه مشتمل على عشر آلاف حديث، وله أيضًا زوائد كتاب (الزهد) لأبيه، وللإمام الحافظ (أبي بكر محمد بن الحافظ أبي محمد بن عبد الله المقدسي الحنبلي)، ترتيب مسند (أحمد) هذا كله على حروف المعجم، فهذه هي كتب الأئمة الأربعة، وبإضافتها إلى الستة الأولى تكمل الكتب العشرة التي هي أصول الإسلام، وعليها مدار الدين. ومنها: من غير ما تقدم من (الموطأ) و(الصحيحين): منها: صحيح (أبي عبد الله) و(أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري الشافعي)، شيخ (ابن حبان)، المتوفى: سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، ويعرف عند المحدثين بإمام الأئمة. وصحيح (أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ التميمي الدارمي البستي)، بضم الموحدة وإسكان السين وفوقية، نسبة إلى بست، بلد كبير من بلاد الغور بطرف خراسان، الشافعي، أحد الحفاظ الكبار، صاحب التصانيف العديدة، المتوفى: ببست سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو المسمى: (بالتقاسيم والأنواع)، في خمس مجلدات، وترتيبه مخترع، ليس على الأبواب، ولا على المسانيد، والكشف منه عسر جدًا. وقد رتبه بعض المتأخرين على الأبواب ترتيبا حسنا، وهو الأمير (علاء الدين أبو الحسن علي بن بلبان بن عبد الإله الفارسي الحنفي)، الفقيه النحوي، المتوفى: بالقاهرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وسماه: (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان)، كما أنه رتب (معجم الطبراني الكبير) على الأبواب أيضًا. و(صحيح ابن حبان) هذا موجود الآن بتمامه بخلاف (صحيح ابن خزيمة)، فقد عدم أكثره، كما قاله (السخاوي): وقد قيل أن أصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين، (ابن خزيمة)، (فابن حبان). اهـ. وصحيح (أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الحاكم الضبي الطهماني النيسابوري)، المعروف: (بابن البيِّع)، بوزن قيم، صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، ككتاب (الأكليل)، وكتاب (المدخل إليه) و(تاريخ نيسابور)، و(فضائل الشافعي) وغير ذلك، المتوفى: بنيسابور سنة خمس وأربعمائة، وهو المعروف (بالمستدرك على كتاب الصحيحين) مما لم يذكراه وهو على شرطهما، أو شرط أحدهما، أو لا على شرط واحد منهما، وهو متساهل في التصحيح، واتفق الحفاظ على أن تلميذه (البيهقي) أشد تحريا منه. وقد لخص مستدركه هذا، الحافظ شمس الدين (أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن (ص 23) قيماز التركماني)، الفارقي الأصل، (الذهبي) نسبة إلى الذهب، كما في (التبصير)، الدمشقي الشافعي، المتوفى: بدمشق، سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وتعقب كثيرًا منه بالضعف والنكارة أو الوضع، وقال في بعض كلامه: أن العلماء لا يعتدون بتصحيح (الترمذي) ولا (الحاكم)، وذكر له (ابن الجوزي) في (موضوعاته) ستين حديثا أو نحوها، ولكن انتصر له الحفاظ في أكثرها، وفي التعقبات: أنه جرد بعض الحفاظ منه مائة حديث موضوعة في جزء، و(لجلال الدين السيوطي) (توضيح المدرك في تصحيح المستدرك)، لم يكمل، ولخصه أيضًا أعني (المستدرك)، (برهان الدين الحلبي). وزعم (أبو سعد الماليني): أنه ليس فيه حديث على شرطهما، ورده (الذهبي): بأنه غلو وإسراف، بل فيه جملة وافرة على شرطهما، وأخرى كبيرة على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صح سنده وإن كان فيه علة، وما بقي، وهو نحو الربع، فهو مناكير وواهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات، ويقال: أن السبب في التساهل الواقع فيه أنه صنفه أواخر عمره، وقد حصلت له غفلة وتغير، أو أنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه، ويدل له أن تساهله في قدر الخمس الأول منه قليل جدًا بالنسبة لباقيه. وقد قال (الحافظ): وجدت قريبا من نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من (المستدرك)؛ إلى هنا انتهى إملاء (الحاكم). قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة، والتساهل في القدر المملى قليل جدًا بالنسبة إلى ما بعده، وقد قال (الحازمي): (ابن حبان) أمكن في الحديث من (الحاكم)، وقال (العماد ابن كثير): قد التزم (ابن خزيمة) و(ابن حبان) الصحة، وهما خير من (المستدرك) بكثير، وأنظف أسانيد ومتونا؛ وقال غيرهما: (صحيح ابن خزيمة) أعلى مزية من (صحيح ابن حبان)، و(صحيح ابن حبان) أعلى من (الحاكم)، وهو مقارب (للحاكم) في التساهل لأنه غير متقيد بالمعدّلين، بل ربما يخرج للمجهولين، لا سيما ومذهبه إدراج الحسن في الصحيح، لكن هذا كله اصطلاح له ولا مشاحة فيه، على أن في (صحيح ابن خزيمة) أيضًا أحاديث محكوما منه بصحتها، وهي لا ترتقي عن درجة الحسن، بل وفيما صححه (الترمذي) من ذلك أيضًا جملة مع أنه ممن يفرق بين الصحيح والحسن، وحينئذ فلا بد من النظر في أحاديث كلٍ ليحكم على كل واحد منها بما يليق به. والله أعلم. وكتاب (الإلزامات) (لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني)، نسبة إلى دار القطن، محلة كبيرة ببغداد، البغدادي، الشافعي، صاحب (السنن) و(العلل) وغيرهما، أمير المؤمنين في الحديث، ولم ير مثل نفسه، المتوفى: ببغداد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وهو أيضًا (كالمستدرك على الصحيحين)، جمع فيه ما وجده على شرطهما من الأحاديث، وليس بمذكور في كتابيهما، وألزمهما ذكره، وهو مرتب على المسانيد في مجلد لطيف. وكتاب (المستدرك) عليهما أيضًا للحافظ (أبي ذر عبد)، بغير إضافة، (ابن أحمد بن محمد بن عبد الله عفير الأنصاري الهروي)، نسبة إلى هراة، إحدى كراسي مملكة خراسان، فإنها مملكة عظيمة، وكراسيها أربع: نيسابور، ومرو، وبلخ، وهراة، المالكي، نزيل مكة، ذي التصانيف الكثيرة والزهد والورع والعبادة، المتوفى على ما هو(ص 25) الصواب: سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، كالمستخرج على كتاب (الدارقطني) في مجلد لطيف أيضًا. وصحيح الحافظ (أبي حامد أحمد بن محمد بن الحسن النيسابوري)، المعروف: (بابن الشرقي)، من تلاميذ (مسلم)، المتوفى: سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، ذكره (الذهبي) في (التذكرة)، و(التاج) في (طبقاته)، وعبارة (التاج): صنف الصحيح، وحج مرات اهـ. وهو غير مشهور، وربما يكون مخرجا على (صحيح مسلم). وكتاب (الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما)، (لضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد أحمد عبد الرحمن السعدي المقدسي) ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي، الحافظ الثقة، الجبل الزاهد الورع، المتوفى: سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وهو مرتب على المسانيد على حروف المعجم، لا على الأبواب، في ستة وثمانين جزءا، ولم يكمل، التزم فيه الصحة، وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها، وقد سلم له فيه إلا أحاديث يسيره جدًا تعقبت عليه. وذكر (ابن تيمية) و(الزركشي) وغيرهما: أن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح (الحاكم). وفي (اللئالي) ذكر (الزركشي) في تخريج (الرافعي): أن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح (الحاكم)، وأنه قريب من تصحيح (الترمذي) و(ابن حبان). اهـ. وذكر (ابن عبد الهادي) في (الصارم المنكي) نحوه، وزاد: فإن الغلط فيه قليل، ليس هو مثل (صحيح الحاكم)، فإن فيه أحاديث كثيرة، يظهر أنها كذب موضوعة، فلهذا انحطت درجته عن درجة غيره. اهـ. وكتاب (المنتقى). أي: المختار من السنن المسندة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأحكام، (لأبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري) الحافظ، المجاور بمكة، المتوفى: سنة ست أو سبع وثلاثمائة، وهو (كالمستخرج) على (صحيح ابن خزيمة)، في مجلد لطيف، وأحاديثه تبلغ نحو الثمانمائة، وتتبعت فلم ينفرد عن (الشيخين) منها إلا بيسير، وله شرح يسمى (بالمرتقى في شرح المنتقى) (لأبي عمرو الأندلسي). وكتاب (المنتقى) (لأبي محمد قاسم بن أصبغ بن محمد يوسف البياني) نسبة إلى بيانة كجبانة كوره بالأندلس بينها وبين قرطبة ثلاثون ميلا (القرطبي المالكي) الحافظ ذي التصانيف المتوفى بقرطبة سنة أربعين وثلاثمائة وهو على نحو كتاب (المنتقى) (لابن الجارود) وكان قد فاته السماع منه ووجده قد مات فألفه على أبواب كتابه بأحاديث خرجها عن شيوخه قال (أبو محمد بن حزم) وهو خير انتقاء منه. وصحيح الحافظ (أبي علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي المصري). نزيل مصر، المتوفى بها: سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. ويسمى (بالصحيح المنتقى). و(بالسنن الصحاح) المأثورة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. لكنه كتاب محذوف الأسانيد. جعله أبوابا في جميع ما يحتاج إليه من الأحكام، ضمنه ما صح عنده من السنن المأثورة، قال: وما ذكرته في كتابي هذا مجملا فهو مما أجمعوا على صحته، وما ذكرته بعد ذلك مما يختاره أحد من الأئمة الذين سميتهم. فقد بينت حجته في قبول ما ذكره، ونسبته إلى اختياره دون غيره. وما ذكرته مما ينفرد به أحد من أهل النقل للحديث فقد بينت علته، ودللت على انفراده دون غيره، انظر (شفاء السقام) (للتقي السبكي). والكتب المخرجة على (الصحيحين) أوأحدهما. (ص 27) وهي كثيرة: (كمستخرج) الحافظ (أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الإسماعيلي الجرجاني)، إمام أهل جرجان، الشافعي، المتوفى: سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وقد قال الذهبي فيه: ابتهرت بحفظه، وجزمت بأن المتأخرين على إياس من أن يلحقوا المتقدمين في الحفظ والمعرفة. اهـ. وله تصانيف منها: (المعجم) و(المسند الكبير). والحافظ (أبي أحمد محمد بن أبي حامد أحمد بن الحسين بن القاسم بن الغطريف بن الجهم الغطريفي)، نسبة إلى جده (غطريف، العبدي الجرجاني الرباطي)، رفيق (أبي بكر الإسماعيلي). المتوفى: سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. والحافظ (أبي عبد الله محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عصيم بن بلال بن عصم)، بضم فسكون. المعروف: (بابن أبي ذهل. الضبي العصمي الهروي). المتوفى: سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. والحافظ (أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني). صاحب (التاريخ) و(التفسير المسند) أيضًا. المتوفى: سنة ست عشر وأربعمائة. وهو (ابن مردويه) الكبير. وأما الصغير. فهو حفيده محدث أصبهان المفيد الحافظ (أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني). لم يلحق جده. توفي: سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. الأربعة على (البخاري). والحافظ (أبي عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الأسفراييني). بفتح الهمزة وقيل: بكسرها. نسبة إلى أسفرايين بليدة حصينة من نواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان، النيسابوري الأصل، الشافعي، أحد الحفاظ الجوالين والمحدثين المكثرين، المتوفى: بأسفرايين، سنة ست عشرة وثلاثمائة، وله فيه زيادات عدة. والحافظ (أبي محمد قاسم بن أصبغ البياني القرطبي)؛ وتقدمت وفاته. والحافظ (أبي جعفر أحمد بن حمدان بن علي بن عبد الله بن سنان الحيري) نسبة إلى الحيرة، محلة كبيرة مشهورة بنيسابور، النيسابوري، المتوفى: قبل (ابن خزيمة) بأيام سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. والحافظ (أبي بكر محمد بن محمد بن رجاء النيسابوري الأسفراييني)، وهو متقدم، يشارك (مسلمًا) في أكثر شيوخه، توفي: سنة ست وثمانين ومائتين. والحافظ (أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني النيسابوري) محدثها (الجوزقي)، وجوزق قرية من قرى نيسابور، المتوفى: سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. والحافظ (أبي حامد أحمد بن محمد بن شارك الهروي الشاركي، الشافعي)، المتوفى: بهراة، سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. والحافظ (أبي الوليد حسان بن محمد بن أحمد بن هارون القرشي الأموي القزويني النيسابوري الشافعي) المتوفى: سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. والحافظ (أبي عمران موسى بن العباس بن محمد الجويني) نسبة إلى جوين، كورة على طريق القوافل من بسطام إلى نيسابور، النيسابوري، أحد الرحالين، المتوفى: بجوين، سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة. والحافظ (أبي النصر محمد بن محمد بن يوسف الطوسي الشافعي)، المتوفى: سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. والحافظ (أبي سعيد أحمد ابن أبي بكر محمد بن الحافظ الكبير أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري النيسابوري)، المستشهد بطرسوس، سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. والحافظ (أبي الفضل أحمد بن سلمة النيسابوري البزار)، رفيق (مسلم) في الرحلة إلى بلخ وإلى البصرة، المتوفى: سنة ست وثمانين ومائتين، قال الذهبي: له مستخرج كهيئة (صحيح مسلم)، وقال الشيخ (أبو القاسم النصراباذي): (ص 29) رأيت (أبا علي الثقفي) في النوم، فقال لي: عليك (بصحيح أحمد بن سلمة). والحافظ (أبي محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم الطوسي البلاذري) الواعظ، المتوفى: سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال الذهبي: خرج صحيحا على وضع كتاب (مسلم)، الاثنتا عشرة كلها على (مسلم). والحافظ (أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصفهاني)، نسبة إلى أصبهان مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، الصوفي، الشافعي، صاحب التصانيف، المتوفى: بأصبهان، سنة ثلاثين وأربعمائة. والحافظ (أبي عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري) المعروف: (بابن الأخرم)، المتوفى: سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. والحافظ (أبي ذر الهروي)، وتقدمت وفاته. والحافظ (أبي محمد الحسن ابن أبي طالب محمد بن الحسن بن علي البغدادي)، المعروف: (بالخلال) بفتح الخاء المعجمة وشد اللام، نسبة إلى الخل المأكول، المتوفى: سنة تسع وثلاثين وأربعمائة. والحافظ (أبي علي الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ما سرجس الماسرجسي) نسبة إلى جده (ماسرجس) المذكور، كان نصرانيا فأسلم على يد (عبد الله بن المبارك النيسابوري)، المتوفى: سنة خمس وستين وثلاثمائة. والحافظ (أبي مسعود سليمان بن إبراهيم الأصبهاني المليحي)، المتوفى: سنة ست وثمانين(ص 30) وأربعمائة. والحافظ (أبي بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن َمنْجُوَيْهْ الأصبهاني البرْدي)، نزيل نيسابور، المتوفى: سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. والحافظ (أبي بكر أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج الشيرازي)، محدث الأهواز، المتوفى: سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. والحافظ (أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني) نسبة إلى برقانة قرية من نواحي خوارزم، الشافعي، المتوفى: ببغداد، سنة خمس وعشرين وأربعمائة، التسعة على كل منهما. وهذا بخلاف الكتب المخرجة على غيرهما (كالسنن)، فإنه لا يحكم بصحة جميعها، (كمستخرج) (قاسم بن أصبغ)، و(أبي بكر بن منجويه الأصفهاني) المتقدمين، و(أبي عبد الله محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج القرطبي)، (مسند الأندلس)، المتوفى: سنة ثلاثين وثلاثمائة، الثلاثة على (سنن أبي داود). ثم اختصر (قاسم بن أصبغ) كتابه، وسماه: (المجتنى)، بالنون، فيه من الحديث المسند ألفان وأربعمائة وتسعون حديثا، في سبعة أجزاء. و(مستخرج) (أبي بكر بن منجويه) أيضًا، و(أبي علي الحسن بن علي بن نصر الخراساني الطوسي)، شيخ (أبي حاتم الرازي)، المتوفى: سنة ثنتي عشرة وثلاثمائة، كل منهما على (الترمذي)، وقد شارك الثاني منهما (الترمذي) في كثير من شيوخه. و(مستخرج) (أبي نعيم الأصفهاني) على (التوحيد) (لابن خزيمة)، وأملى الحافظ (أبو الفضل العراقي)، وتأتي وفاته، على (المستدرك) (للحاكم) مستخرجا لم يكمل؛ والمستخرج عندهم أن يأتي المصنف إلى الكتاب، فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، فيجتمع معه في شيخه أو في من فوقه ولو في الصحابي، مع رعاية ترتيبه ومتونه وطرق أسانيده، وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندا يوصله إلى الأقرب، إلا لعذر من علو أو زيادة مهمة، وربما أسقط المستخرج أحاديث لم يجد له بها سندا يرتضيه، وربما ذكرها من طريق صاحب الكتاب. (ص 32) تعريف المستخرج وقد يطلق المستخرج عندهم على كتاب استخرجه مؤلفه، أي: جمعه من كتب مخصوصة، (كمستخرج) الحافظ (أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده العبدي) مولاهم، الأصفهاني، المتوفى: سنة سبعين وأربعمائة، جمعه من كتب الناس، واستخرجه للتذكرة، وسماه: (المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الناس للمعرفة)، جمع فيه فأوعى، ومن تصانيفه: (المسند)، و(كتاب الوفيات)، و(جزء في أكل الطين) وغير ذلك، وكثيرًا ما ينقل عن (مستخرجه) المذكور الحافظ (ابن حجر) في كتبه، فيقول: ذكر (ابن منده) في (مستخرجه)، وتارة يقول في (تذكرته) والله أعلم.
|